القيم السّلوكيّة: Living Values
تبيّن لنا من تصنيف المهارات بحسب جانيي Gagné أنّ المواقف الّتي تواجه المتعلّم في اختيار سلوكيّاته تعتبر من نتائج التعلّم المرتبطة بالقيم، وأنّ لكلّ فرد منّا مواقفه واتّجاهاته الّتي اكتسبها وتطوّرت لديه عن طريق التعلّم وما ينتج عنه من أشكال وطرائق مختلفة في التّفكير والإنجاز والإحساس العاطفيّ، الأمر الّذّي تترتّب عليه سلوكيّات إيجابيّة وأخرى سلبيّة بالنّظر إلى المواقف والسلوكيات المعياريّة المتداولة في المجتمع والمؤثّرة في توجّهاته واختياراته. ومن ثمّ يصبح اعتماد قيم معيّنة تجسّد الوعي الجمعيّ، وتبنِّي أفكار متّفق على وجاهتها واتّباع سلوكيّات مرغوبة تفضل على غيرها أمرا ضروريّا حتّى تتحوّل كلّها إلى أفعال نعتبرها تجسيدا حيّا لتعلّمات متراكمة وخبرات معقّدة تتجلّى نتاجاتها في الصّور الآتية متدرّجة:
معارف وحقائق ومفاهيم واستراتيجيّات (المجال المعرفيّ Cognitive domaine).
عادات ومهارات (مجال نفس حركيّ Psycho - motor domaine).
اتّجاهات وقيم (مجال وجدانيّ Affective domaine).
فبم نُعرّف القيم السّلوكيّة؟ وما تصنيفاتها المختلفة؟ وما هي استراتيجيّات تنمية القيم وأساليب بنائها؟
تعريف القيم السّلوكيّة:
أصبح مفهوم القيمةvalue يعد من المفاهيم التي يشوبها نوع من الغموض والخلط في استخدامها وهذا نتيجة لأنها حظيت باهتمام كبير من الباحثين في تخصصات مختلفة ولهذا اختلف الباحثون في وضع تعريف محدد لها ومرد ذلك الاختلاف يعزى إلى المنطلقات النظرية التخصصية لهم، فمنهم علماء الدين وعلماء النفس وعلماء الاجتماع وعلماء الاقتصاد وعلماء الرياضيات وعلماء اللغة ..... الخ فلكل منهم مفهومه الخاص الذي يتفق مع تخصصه.
هناك أكثر من تعريف للقيم وقد عرفها parry بأنها الاهتمامات، أي إذا كان شيء موضوع اهتمام فإنه حتماً يكتسب قيمة وهناك من يعرف القيم بأنها مرادفة للاتجاهات مثل بوجاردس bogardies وهناك من يرى أن القيمة والاتجاهات وجهان لعملة واحدة وهناك من عرفها بأنها أفكار حول ما هو مرغوب فيه أو غير مرغوب فيه (مرعي بلقيس 84)
وعرّف قاموس ويبستير القيم السّلوكيّة بأنها المعايير والمبادئ الّتي نستخدمها للحكم على الأشياء أو الأشخاص أو الأفكار أو المواقف بأنّها سيّئة وغير مرغوب فيها أو حسنة ومرغوب فيها، أو بأنّها في موقع بين هذين النّقيضين. ويُعرّف علماء الاجتماع القيم بأنّها صفة للشّيء تجعله ذا أهمّيّة بالنّسبة إلى الفرد أو الجماعة، وهي القرار أو الحكم الّذي يُصدره الشّخص نتيجة لتفاعله مع جماعته وفق السّلوكيّات المعياريّة في المجتمع الّذي يعيش فيه. واهتمّ علماء النّفس الاجتماعيّ بكلّ جانب من جوانب سلوك الفرد في المجتمع وركّزوا في سمات الفرد واستعداداته واستجاباته فيما يتعلّق بعلاقاته مع الآخرين. ويرى د.توفيق عبد المنعم 2003 أنّ القيم محدّدات لسلوك الفرد وأفعاله وتصرّفاته، وأنّها "التّوجّه أو السّلوك المفضّل أو المرغوب من بين عدد من التوجّهات المتاحة"، وترى د. جيهان العمران 2003 أنّه " يُمكن اعتبار القيم الإطار المرجعيّ الّذي يشمل الاتّجاهات والمعتقدات والقناعات في البنية المعرفيّة للفرد الّتي توجّه سلوكه جهة معينة، والتي يحكم من خلالها على هذا السلوك بأنه خير أو شر جميل أو قبيح، مرغوب فيه أم غير مرغوب فيه .................( مجلّة الطّفولة العدد السّابع –
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق